العراق في مواجهة الآزمة الأقتصادية العالمية – البحث عن حلول

في الآونة الأخيرة منذ أن قررت أوبك على إلابقاء معدلات إنتاجها، واختيار الدفاع عن حصتها في السوق ضد الدولة المنتجة للنفط بمعدلات “أنتاج عالي” مثل أمريكا وغيرها من الدولة التي تٌعد فيها تكلفة أستخراج النفط عالية مقارنة مع دول الخليج التي يصل فيها تكلفة أنتاج برميل النفط 15$ . فقدت العقود الآجلة للنفط ما يقرب من 25٪ من قيمتها. وعلاوة على ذلك، من ذروة في شهر يونيو انخفضت أسعار النفط أكثر من 65٪.
السعودية لازالت اللاعب الأكبر في منظمة آوبك والتي تأثيراتها على قرار آوبك الأخير واضحة – ولكن من المرجح أن تبدأ دول مثل إيران وفنزويلا ونيجيريا في الضغط من أجل أيجاد حل، بالأخص إذا بقيت أسعار النفط الخام منخفضة لتأثر موازنات هذه الدول بهذا الأنخفاض الغير محسوب.
جميع دول العالم تواجه خطر واحدا اسمه (خطر سعر النفط) و ترتب على هذا الخطر العديد من المخاطر والاشكاليات عند اعداد الموازنات العامة لها او عند اتخاذ القرارات الاقتصادية للدول المصدرة للنفط خصوصا وان التقلبات في اسعار النفط اصبحت ظاهرة متكررة و مثيرة للقلق على المستوى العالمي.
دول منتجة للنفط مثل السعودية من الممكن إن تستمر في لعبة (خفض معدلات الأنتاح) , وأسعار النفط – وذلك لأعتمادها على خزين وأحتياطي مالي كبير يمكنها إن تتكل عليه في أستقرار أقتصادها ومواجهة الأنهيار في معدلات أسعار النفط الخام عالمياً.
ولكن معظم الدول المنتجة للنفط في منظمة آوبك بالتحديد تعتمد بشكل كبير في أعداد موازناتها على أنتاج النفط لا ترتكز على أحتياطي مالي كبير لتدير مقدراتها المالية في مواجهة هذا الأنهيار – أكثر الدول تضرراَ هي العراق في هذه المواجهة.
أسعار النفط العالمية تنهار لمعدلات أقل من 50 $ تراجع أسعار النفط بهذا الشكل ستؤدي الى اضطرابات سياسية وأقتصادية أكثر مما هو عليه واقع الحال في العالم.
حالة عدم اليقين بشأن أسعار النفط الخام عالمياً ومعدلات أستقراره في الأسواق تشكل رعب حقيقي للأقتصاد العالمي، وخاصة بعد أن ذكر تقرير وكالة الطاقة الدولية ان الطلب العالمي على النفط في عام 2015 سيصل الى نسبة 900،000 برميل يوميا، أي بمعنى 230،000 أقل مما كان متوقعا في السابق, وهذا بحد ذاته شكل ناقوس خطر بتذبب التوقعات بمعدلات أنخفاض أسعار النفط عالمياً ولايمكن التكهن على أي مستوى سيستقر أو متى ؟
جملة من الأسباب التي يعزى لها هذا الأضطراب في أسعار معدلات النفط في الأسواق العالمية :-
انهيار الطلب العالمي على النفط والذي نتج عنه زيادة المعروض النفطي والذي سيضغط على الاسعار في السنوات المقبلة. تباطؤ الاقتصاد العالمي ومعدلات الاستثمار وبالتالي تراجع الطلب على الطاقة.
المخاطر السياسية واضطراب المشهد الجيوسياسي في المنطقة العربية بشكل خاص وبالعالم منها قضية روسيا و أوكرانيا والعقوبات الدولية على روسيا, كذلك سيناريو ايران والعقوبات , الوضع الغير مستقر في ليبيا.
الاقتصاد الصيني أيضا، وهبوط معدلات النمو في الأنتاج فيه بحيث أنخفض بمعدل 7.2٪ في الشهر الحادي عشر من هذه السنة مقارنة مع معدلات نمو بالأنتاج بنسبة 7.7٪ في الشهر العاشر من نفس السنة 2014.
التذبذبات في الأسواق المالية وأضطراباتها ودلائل على هذا الرعب من أسعار النفط العالمية – بقراءة سريعة :-
الأسهم البريطانية100 FTSE أنخفضت بنسبة 1.3٪، في حين انخفض مؤشر داكس الالماني 1.1٪. الأسهم الفرنسية CAC 40 أنخفضت بنسبة 1.4٪. وهذه تٌعد معدلات أنخفاض خطيرة.
أضف لذلك معدلات الأسهم لشركات النفط والطاقة العالمية العملاقة بالأنخفاض – انخفضت أسهم شركة إكسون موبيل، أكبر شركة نفط في أمريكا بنسبة 1٪ من معدلاتها 88.31. شركة شلمبرجير للخدمات النفطية (SLB) انخفضت بنسبة 2.02٪، إلى 81.33. وشركة آنريجي سيليكت SPDR ETF – أنخفض بنسبة 1.59٪.
العراق في مواجهة هذه الآزمة الأقتصادي يٌعد الخاسر الأكبر لجملة من الأسباب, عام 2014 يعتبر عام أستثنائي في أستنزاف طاقاته وخزينه المالية – من معركة مواجهة الأرهاب – الى الأضطرابات السياسية الداخلية – الى تراكمات سؤ أدارة مالية وأقتصادية وهدر كبير في مقدرات وموارد البلد يشترك في أحداثها كل الأحزاب السياسية والشركاء في السلطة – الى أنعدام الحكمة في بناء الموازنات للأعوام الماضية التي أعتمدت معدلات أسعار للنفط الخام المصدر عالية – مان الأجدر بها أنتهاج مبدأ أسعار بيع للنفط الخام (باسعار تحفظية) أقل من معدلات السوق ليتسنى للحكومة في تخفيض معدلات العجز التي تجاوزت ال 50 مليار دولار أمريكي الأن, وبناء أحتياط مالي كان له إن يكون عامل أستقرار أقتصادي في مواجهة الآزمة الأقتصادية الحالية.
الخطوات العملية التي على الحكومة العراقية أتخاذها لمواجهة هذه الآزمة (أنخفاض معدلات النفط الخالم عالمياً) – خزينة دولة شبه مفلسة – عدم أستقرار في معدلات التصدير للنفط :-
العمل بشكل جدي وكبير في رفع معدلات الأنتاج للنفط وتصديره لفترة السنوات الأربعة القادمة.
أيجاد منافذ بديلة لتصدير النفط الخام من جنوب العراق – السعودية, الكويت, أيران. وعدم الأعتماد على خط الشمال والمناطق الغربية التي لايتوقع لها الأستقرار السياسي القريب.
أعتماد مبدأ الأستثمار المزدوج في دعم قطاعات الدولة والموؤسسات الخدمية وبرنامج بناء المنظومة الأقتصادية للدولة ومشاريعها. الأستثمار المزدوج بمعنى النفط مقابل المشاريع الأقتصادية لبناء مشاريع الدولة العملاقة. لحل جملة من التعثرات في أعادة بناء وتطوير البنية التحتية للمنظومة الأنتاجية للنفط والطاقة وغيرها من القطاعات المهمة الأخرى مثل الصناعة, الأستثمار, التجارة, والصناعات الأستخراجية, والزراعة.
السعي لأستحداث برنامج أستثمار للنفط الخام المستخرج بشكل يتناسب مع حاجة البلد, والوصول الى مرحلة الأكتفاء الذاتي للأستهلاك المحلي لمشتقات النفط الخام. العراق يستهلك بمعدل أكثر من 8 مليار دولار سنوياً لأستيراد المشتقات النفطية لسد حاجة الأستهلاك المحلي وهذه تعتبر خلل في السياسية الأنتاجية للنفط في بلد يقع في المرتبة السابعة من الدول المنتجة للنفط عالمياً, والخامسة عالمياً للخزين المؤكد النفطي.
أعادة النظر في القطاعات الغير منتجة والتي تشكل عبء على ميزانية الدولة, التخلص من الأدارات الفاشلة لموؤسسات الدولة المهمة وأعادة النظر في اسلوب الأدارة وأنظمته, القضاء على الفساد المتفشي ولازال في موؤسسات الدولة. أعادة بناء منظومة الضرائب وتفعيله بشكل جدي وواضح, وفرض برنامج الضرائب على المحافظات والأقاليم منها أقليم كردستان العراق لرفد موازنة الدولة وأستمرارية تقديم الخدمات.
أنتهاج اسيتراتيجية ثابتة في بناء الموؤسسات الأقتصادية للدولة, وأعتماد الأساليب الحديثة العالمية في هذا البناء والتخلص من بيروقراطية (المحاصصة).
لايمكن مواجهة هذه الأزمة الأقتصادية في العراق من دون أدوات عمل نقصد بها (أدارة عليا) لموؤسسات الدولة الخدمية والأقتصادية تمتلك أعلى درجات المهنية في العمل.
المهندس علي جبار الفريجي
تخصص أدارة موؤسسات الدولة في الآزمات – جامعة هارفارد