باب جهنم للفساد وهدر المال العام يفتح من خلال منح القروض بلا ضمانات قانونية

النظام المصرفي بنوعيه (الحكومي والخاص) أحدى العوامل المهمة في أنجاح الأستثمار والنهوض الأقتصادي لأي بلد.
في العراق هذا القطاع بشكل عام يعاني جملة من المشاكل بدأً بالتعاملات المصرفية وأنظمة الأدارة والتعامل التجاري مروراً بعدم أستقرار النظام المصرفي ولايتوقف عند محطة القروض المالية والمنح الخاصة.
منذ عام 2005 ولحد هذه اللحظة معظم المصارف الحكومية بأنواعها (المصرف الزراعي, المصرف العقاري, بنك ألأسكان) بل حتى وزارة المالية تقوم بمنح قروض مالية بأشكال وقيم متفاوتة منها لتشجيع القطاعات الأستثمارية والتجارية ومنها لمساعدة المواطن العراقي في جملة من الأحتياجات كالسكن مثلاً.
هذا المنح المالية كانت ولاتزال لم يتم بناؤها على أساس مهني أقتصادي مصرفي صحيح ضمن خطة تهدف الى أنعاش الأقتصاد العراقي والأستثمار أو رفع المستوى المعيشي لمواطن العراقي.
نظام المنح أولاً تشوبه الكثير من صفقات الفساد بمستويات مختلفة لسيطرة عدد من العصابات (أفراد وشركات) تجارية مرتبطة بأشخاص (سياسيين) يتبوؤن مناصب سياسية مهمة في البلد. من خلال أستحصالهم لقروض كبيرة دون ضمانات قانونية وبوسائل ملتوية كثيرة. والأكثر ضراراً هو إن هذه القروض الكبيرة تمنح من دون غطاء قانوني سليم أو دون إعطاء أية ضمانات او مستندات تجيز للجهة المانحة التصرف في حال التعثر في سداد القرض وذلك يعتبر مخالفا للاجراءات الخاصة بمنح القروض، مما يعرض تلك المصارف الى المساءلة القانونية الشديدة”. والتي طالما تضع بعض الموظفين الصغار (قربان) لهذه المفاسد.
إن عدم التخطيط وبناء برامج قروض أستثمارية ضمن مشروع أقتصادي برؤية واضحة ودقيقة لا يتسبب في الهدر والسرقات وخلق الفوضى المالية متضمنة سرقة المال العام وتفشي الفساد والمفسدين من سياسيين وكبار موظفي المصارف الحكومة بأنواعها. بل ستخلق أعصار من العشوائية في توزيع المشاريع الاستثمارية والتي تفتقر للخطط والضمانات القانونية الخاصة بكل الموؤسسات الخاصة والعامة منها والتي تتقدم لبناء مشروع استثماري دون دراسة كفاءتها المالية والنقدية وجدوى تبني مثل هذه المشاريع التي تصبح بوابات لسرقة أموال الشعب وضياع حق الدولة في ضمان الأموال وأمكانية أسترجاعها. بالنتيجة سيكون هناك ضياع وهدر لمشاريع وتلكؤ في أحداث نهضة حقيقة أقتصادية داخل البلد.
وعندما نلقي الضوء على قيمة رؤوس أموال المصارف الحكومية والتي بلغت تقديراتها حتى نهاية تشرين الأول من عام 2012 المنصرم، ما مجموعه 754 مليار دينار، مقابل أكثر من أربعة مليارات دينار للمصارف الخاصة، وأن أرصدة الاستثمار في المصارف العاملة في العراق سجلت لغاية 31/10/2012، مبلغا يقارب الستة مليارات دينار (5.947)، وكانت حصة المصارف الحكومية منها 4.929 مليار دينار، مقابل 1.018 مليار دينار للمصارف الخاصة.
نجد إنه من الضروري وضع ضوابط محكمة على منح القروض في البنوك الحكومية وبناء سياسة مالية برؤية أقتصادية عالمية ترتكز على برنامج عمل أقتصادي بخطوات ثابتة لخلق فرص استثمار ونهضة أقتصادية حقيقة. , واستحداث أستيراتيجة لمعالجة الخروقات المالية الكبيرة التي أنتجتها سياسات بعض المصارف وذلك بمنحها قروضا بمئات الملايين من الدنانير للأشخاص وشركات دون ضمانات قانونية بوساطات سياسية وصفقات حزبية.
من جانب أخر نجد القروض التي تمنحها بعض الوزارات الخدمية كما هو الحال في صندوق الأسكان وقروض ال 30 مليون من قبل وزارة الأسكان, المالية تفتقد لأدنى مقومات المشاريع التنموية الصحيحة التي يمكنها رسم خطوات يمكن إن تنهض بالمستوى المعيشي للفرد العراقي. وذلك بسبب تدني قيمها التي تصرف مقارنة مع أرتفاع أسعار البناء والمواد الأنشائية والتي لم تراعى في منح أو تخصيص هذه القروض على سبيل المثال, بمعنى 25 مليون دينار عراقي لاتكفي لبناء شقة سكنية من غرفتين (كمثال) – في حين كان الأجدر أستثمار هذه الموازنات (ضمن برنامج القروض التي يتم التعامل بها من قبل صندوق الأسكان وغيره) في خلق سوق بناء بتكنلوجيا حديثة مدعم ضمن مواصفات عالمية يمكن من خلالها تقديم فائدة أكبر للمواطن المقترض في بناء وحدة سكنية, وهذا يضمن الجودة والرقابة في الأنتاج بدل إن نترك المواطن يتخبط في كيفية الأستفادة من قرض الاسكان وتركه يصارع أسعار المواد الأنشائية وعدم كفاية القرض لما يحتاجه بشكل فعلي.
هذا الواقع يعلن حالة طوارئ قصوى ليس فقط ضمن القطاع المصرفي والقروض والمنح التي تشكل بوابة من بوابات الفساد الكبرى التي يعاني منها البد والمتسبب فيها عدد ليس بالقليل من السياسيين و كبار المسؤولين في المصارف الحكومية, بل حتى على الموازنة العامة وكيفية أستثمارها في خلق نهضة أقتصادية التي لانجد لها ملامح في العراق منذ عام 2005 ولحد هذه اللحظة.