حل آزمة النازحين في العراق بين أيادي (رعاة أغنام)

بين تشكيل لجنة لأدارة آزمة النازحين, وبين تخبط أعمالها, ومشاكل الفساد والهدر, وغياب التنسيق بين مؤوسسات الدولة لأحتواء الآزمة وأرتفاع وتيرة الأعمال العسكرية لمحاربة الأرهاب, والمؤامرات السياسية في المناطق الغربية (الموصل, الأنبار, صلاح الدين, تكريت وغيرها), والأضطرابات السياسية بين المتشاركين في تقسيم أدارة الدولة من الأحزاب السياسية. تزداد معاناة النازحين وترتقع معدلاتهم ليسجل أرقام النازحين داخل البلد الى رقم تأريخي أكثر من 1,914,662 نازح. بمقارنة مع معدل النازحين في العالم وهو 28.8 مليون نازح يتوزعون بين أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط ومناطق أخرى من العالم. أي بمعدل أكثر من 5.5 % من مجموع النازحين في العالم. وبمعدل يٌعد الأعلى من خلال أزدياد أرقام النازحين خلال وقت قصير جداً بدً من تأريخ 18 من الشهر الثامن 2014 الى 27 من نفس الشهر أرتفع معدل النازحين داخل العراق الى أكثر من 357,696 نازح داخل البلد.
ولازال السياسيين وذوي الشأن يتسألون عن كيفية حل آزمة النازحين, في حين السؤال الأهم هو من هي الجهة التي يجب عليها إن تتحمل مسؤولية أدارة آزمة النازحين؟
الخوض في تقييم أداء عمليات أدارة أحتواء هذه الآزمة نجد إن التخبط وسوء الأدارة وعدم الجدوى هي السمة الأكبر التي تتصف فيها هذه العمليات (تخبط وفشل أداراة القائمين على هذه اللجان والموؤسسات, فساد, تفاقم الأزمة, أزدياد معدلات النازحين, الهدر الكبير في الأموال دون نتائج أيجابية), وزارة الهجرة مشغولة بتوزيع راوتب على النازحين, وبناء 27 وحدة سكنية مؤقتة من أصل 100 في خانقين, عدم التنسيق المثمر بين الجهات التي تعمل على أحتواء هذه الأزمة, أدارة المحافظات تعمل بأتجاه, اللجنة المشكلة من قبل البرلمان تعمل بشكل غاية في الفشل, كذلك وزارة الهجرة والمهجرين التي تتخبط في أحتواء الأزمة من خلال توزيع رواتب للنازحين, أحدى أنجازاتها هو بناء 27 وحدة سكنية مؤقتة (كرفان) من أصل 1,000 وحدة, حكومة أقليم كردستان تعمل بشكل منفصل تماماً, المنظمات الدولية المهتمة في مساعدة النازحين تتجنب التعاون مع الموؤسسات الحكومية العراقية لأدراكها فشل وقلى خبرة هذه الموؤسسات, أضف الى محدودية الجهد المبذول من قبل هذه المنظمات على سبيل المثال منظمة IOM قدمت مايقارب 50,937 مساعدة عينية للعوائل النازحة (مقارنة مع أكثر من 1.9 مليون نازح), كذلك وكالة الأمم المتحدة للاجئين UNHCR تقريباً بنفس المعدلات أكثر بنسبة قيلية, مع تحملها لحجم الكارثة في سوريا أيضاً, مع وجود جمعيات وموؤسسات غير حكومية تقدم ساعدات بأمكانيات قليلة نسبياً مع تركيز عملها في أقليم كردستان العراق حصراً بسبب خطورة الوضع في المناطق الآخرى من العراق. كذلك الحال في المساعدات التي قدمت من قبل القوات البريطانية والأمريكية لفترة محدودة.
العراق ليس من الدول الموقعة على اتفاقية اللاجئين لعام 1951 وبروتوكولها لعام 1967، كانت البلاد لفترة طويلة المضيفة للاجئين. عام 2010 تم أعادة صياغة قانون جديد للاجئين، ولازال عالق في أروقة البرلمان العراقي مع زملائه من القوانين المهمة. هذه أحدى المعوقات القانونية لطلب مساعدات دولية.
في السنوات الأخيرة، شهدت المتطلبات المالية لعمل المفوضية في العراق زيادة إجمالية من 239 مليون دولار أمريكي في عام 2010 إلى ميزانية معدلة من قبل الأمم المتحدة لتصل الى أكثر من 293 دولار أمريكي. هذا الأرتفاع في الميزانية المخصصة لتلبية الاحتياجات المتعلقة بالوضع السوري أيضاً. الذي يتشارك العراق في حجم هذه المآساة مع الجارة سوريا.

للبدء بخطوات حل ناجعة يمكنها على الأقل أستيعاب هذه الآزمة يجب إن يصار الى الخطوات التالية:-
تحديد الجهة الرسمية التي تتحمل مسؤولية أدارة آزمة النازحين بشكل رسمي, في كل دول العالم التي تعي وتدرك إن أدارة الدولة هو علم مهني يتطور والتخصص العلمي والمهني هو أحدى ركائز أدارة الدولة بشكل سليم. عليه يجب إن يصار الى تأسيس هيئة وطنية لأدارة الآزمات والكوارث. من خلال هذه الخطوة ندرك بأننا إمام آزمة كبيرة (النازحين) يجب التعامل معها بشكل فوري, هذا يفرض علينا إن نتحرك بشكل دقيق ومدروس وبأعلى درجات المهنية.
المنظات الدولية الفاعلة في العمل على المساعدة في حل آزمات النازحين, تحتاج الى مسألتين يجب إن تتوفر لها لكي تقدم خدماتها بشكل واسع وأكبر مما تقدمه الأن (ميزانية مالية ثابتة, موافقة ودعم الأمم المتحدة) الأمم المتحدة بدورها تحتاج الى طلب رسمي من الدولة المتضررة, لكي تتدخل بشكل واسع في المساعدة لهذه الآزمة وهنا دور الحكومة العراقية.
يجب أدراك الحاجة الى التدخل الدولي (المنظمات المختصة الدولية) بشكل مكثف وواسع لأستيعاب والتعامل بأدارة ذو خبرة, تتجاوز عمليات الهدر وضياع الجهود. والتعاون والتنسيق الصحيح مع هذه الموؤسسات من خلال أدارة عمليات مشتركة.
تحديد هوية النازحين, والمناطق المنكوبة لكي يتسنى للقائمين على أدارة هذا الآزمة أستيعاب وتحديد العمليات التي تنصب جهودها الى حل الآزمة.
تحديد المناطق التي تعتبر مناطق لجؤ (مؤقتة) لأستقبال النازحين, لكي يتم السيطرة على مسألى تقديم الخدمات (الطبية, والأجتماعية, وغيرها), هذا مما سيعالج مسألة تقديم الحماية الأمنية المناسبة لهؤلاء النازحين وتقييم حجم ونوع المساعدة المقدمة. بدل من العشوائية في تحديد هذه المسألة, وبالتالي تسهل هذه العملية عودة النازحين لمناطقهم بعد زوال الخطر.
لايمكن أعتبار جميع محافظة الموصل هي منطقة نزوح ما عدا القرى المسيحية, والآزيدية, بقية الأقليات في هذه المحافظة, أما فيما يخص الأنبار فلا يمكن أعتبارها محافظة منكوبة بشكل كامل لأعتبارات سياسية وأعتبار عدد كبير من مناطقها مناطق نزاع وصراع أرهابي لأحتواءها العصابات الأرهابية. كذلك الحال مع بقية المناطق والمحافظات بالمنطقة الغربية. آخذين بعين الأعتبار إن مجاميع كبيرة من المدنين في هذه المناطق تبحث عن ملجئ آمن لها.
أعلان حالة الطوارئ الجزئي في المناطق الغربية (الموصل, الرمادي, تكريت, صلاح الدين, ديالى), هذا سيجعل من أدارة هذه المحافظات المدنية التعامل مع الآزمة بشكل رسمي, وتركيز مهامها على التعاون مع أدارة الآزمة بشكل يفرض عليها التعاون ضمن برنامج وأستيراتيجية أحتواء الآزمة.
أعادة أستثمار جهد جزء من قوات الحشد الشعبي في حل آزمة النازحين, وأنخراطهم في برامج أحتواء هذه الأزمة ومشاريعها. بشكل مهني من خلال جملة من مشاريع تقديم المساعدات العينية وغيرها التي تتضمنها الخطة الأستيراتيجية لحل هذه الآزمة.
أعادة النظر بالقائمين على أدارة هذه الآزمة والبحث عن فريق عمل تخصصي يخول بأدارة هذه الآزمة.
المهندس علي جبار الفريجي
مختص في أدارة موؤسسات الدولة – جامعة هارفارد